Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Mar-2018

الانتخابات الروسية: «شيّطَنة» بوتين و«حصار» روسيا.. يتواصَل! - محمد خروب

الراي - ستشارك عواصم الغرب الاستعماري اليوم وبضراوة في معركة الانتخابات الرئاسية الروسية, رغم تأكّدها ان محاولاتها الهستيرية للتأثير على فرص نجاح فلاديمير بوتين صفرية تماماً، لكنها تُمنّي

نفسها بأن تكون نسبة المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات «متدنِّية» كي تواصل حملتها الشخصية والشرسة ضد الرئيس الروسي, بعد ان استنفذت حملتها المبرمجة المعروفة بالروسيا – فوبيا (او الرهاب الروسي) هدفها وسجّلت فشلاً ذريعاً, تمثّل في مواصلة روسيا دورها في تعرية العدوانية الامبريالية وعسكرتها العلاقات الدولية وسعيها المحموم لفرض هيمنتها بالقوة, بالضد من القانون الدولي ومصالح الدول والشعوب الاخرى المشروعة، معتمدة فقط ودائماً على ترسانتها العسكريةالمهولة, التي ترى فيها – وكما جاء في استراتيجية الأمن القومي خاصتها التي  اعتمدتها مؤخراً – سبيلاً «وحيداً» لتحقيق «سلامها» المزعوم, عبر مقولة «السلام من خلال.. القوّة».
مصطلح جديد يأخذ طريقه منذ الان, وهو «البوتين – فوبيا» الذي باشرته وسائل الإعلام الغربية وخصوصاً الاميركية والبريطانية, لشيطنة الرئيس الروسي وتحميله مسؤولية تدهور العلاقات الغربية الروسية. ولم تكن «دراما» محاولة تسميم عميل المخابرات الروسية السابق سيرغي سكريبال وتحميل مسؤوليتها فوراً للرئيس شخصياً، إلاّ فصلاً مرسوماً مُسبَقاً على ابواب الانتخابات الرئاسية الروسية، كي تثير هلعاً في اوساط الجمهور الروسي, وتقلّل من حماسته للذهاب الى صناديق الاقتراع, محمولة بالطبع على الحملات الإعلامية المنسّقة الموجهة للداخل الروسي. تماماً كما كانت الحال في دور اذاعة اوروبا الحرة زمن الاتحاد السوفياتي, التي كانت تثير الشكوك في القيادة السوفياتية وتضرب على وتر الازمات الاقتصادية والاحتياجات اليومية للشعوب السوفياتية, وحكاية «الطوابير» أمام المخازن التجارية وخلو رفوف الأخيرة من المواد الأساسية, وغياب الحريات وغيرها من الاكاذيب «الايديولوجية» التي يبرع إعلام الغرب الامبريالي في اختراعها والترويج لها.
يقلِّل من الغرب «النسبة» التي سيحصل عليها الرئيس الروسي, الذي لا يواجه منافسة جدّية, لكن اكثر ما هو معني به هذا الغرب الإمبريالي, في ظل حقيقة بقاء بوتين في الكرملين لست سنوات مقبلات, هي نسبة المشاركة الجماهيرية في هذه الانتخابات.
وهو ما ركّزت عليه وتركِّز وسائل الاعلام الغربية, التي لم تهمل اي فرصة لشيطنةبوتين والغمز من قناته والتقليل من مكانته, التصويب عليه كمن يُصدر الأوامر لاغتيال المنشقّين من عملاء الإستخبارات الروسية السابقين او المعارضين المتّهم معظمهم بالفساد ونهب المال العام، الذين تمكنوا من الهرب بل وتوظيف عميلهم المدان الذي يضفون عليه صفة الضحية ويخلعون عليه القاب المناضل من أجل الحرية, الذي تعرّض لاضطهاد بوتين واجهزته, ولا يكتف فقط بسجنه بل ومنعه من خوض انتخابات الرئاسة في مواجهة بوتين, لان الاخير «يخشى» ان يفوز عليه اليكسي نافالني (وهذا هو اسمه) رغم ان استطلاعات الرأي لا تمنح «مداناً» مثل هذه المحرّض الفاشل اي فرصة لمواجهة اي مرشح رئاسي.. ما بالك بوتين؟.
سنوات ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وخصوصاً بعد صعود نجم فلاديمير بوتين, الذي تُصرُّ وسائل الاعلام الغربية على التذكير بوظيفته السابقة كضابط في جهاز المخابرات السوفياتية (KGB ،(اثبتت ان دول الغرب الاستعماري لا تريد لوريثة الاتحاد السوفياتي السابق واكبر دولة فيه واكثرها عراقة وانتاجية, واقواها اقتصادياً وعلميا وعسكرياً ان تكون دولة قوية ومستقلة, وترفض ان يكون رئيسها وطنياً يحافظ على مصالح شعبه وينقذ دولة عريقة كروسيا من مخطط إركاعها وتحويلها الى دولة من دول «العالم الثالث», يتحكم في اقتصادها، المطلوب ــ غربياً ــ ان يكون اقتصاد خدمات ومصدرا للمواد الاولية اللازمة لإدامة الاتحكارات الغربية، إلاّ من طينة بوريس يلتسين الذي أجهز على ما تبقى من قوة روسيا, بعد ان انهك ميخائيل غورباتشوف الاتحاد السوفياتي وقاده الى التفكك والانهيار. ولهذا عندما راهن بوتين وسجّل نجاحاً مذهلاً ـــ كما يجب التذكير والاشادة – على الحسّ والكبرياء القومي عند الروس، وانتشل روسيا... اقتصادها ودورها وحضورها من «القيعان» التي اوصلها اليها بوريس يلتسين والمافيات الروسية, التي اوجدها الغرب وغذّاها بامواله واستخباراته كي تعيث فساداً وتخريباً في ما تبقى من الاتحاد السوفياتي وخصوصاً «وريثته».. روسيا، جُنّ جنون الغرب وتلبسّته هستيريا ما يزال اسيرها حتى اللحظة, رغم كل محاولاته لاحتواء روسيا والتربّص بها وتشويه سمعة قادتها والحطّ من قدرها وامكاناتها, على النحو الذي واصَلَه طوال ثماني سنوات باراك اوباما, حيث لم يوفر اي فرصة او مناسبة, للزعم بأن روسيا لا تقدِّم للعالم سوى «السلاح والنفط» وان اقتصادها لا يساوي اكثر من اقتصاد دولة اوروبية فقيرة... كإسبانيا (...).
الغرب الامبريالي يدرك في اعماقه, أن المسألة أبعد من ذلك بكثير, وإلاّ لكان ترَك روسيا الضعيفة والعالمثالثية في حالها, ولم يبذل كل هذه الجهود لشيطنتها وتحميلها وزر كل اخفاقات وفشل سياساته وحروبه العدوانية, ومحاولات الهيمنة التي لا تتوقف على معظم دول العالم, بما في ذلك عسكرة العلاقات الدولية والتلويح باستخدام القوة عند حدوث اي مشكلة او إشكال على الساحة الدولية.
ستطوي روسيا اليوم صفحة الانتخابات الرئاسية, وتستعد لمواجهة التحدي الجديد والخطير الذي يفرضه عليها الغرب الاستعماري, وهو تحدٍ متعدد الجبهات والفصول والمقاربات والوسائل, بدءاً من حكاية العميل المزدوج سكريبال المفتعلة مروراً بالأزمة السورية والتلويح بتصعيدها, وليس انتهاء بما يحدث وسيحدث في ملف كوريا الشمالية النووي والحروب التجارية والعقوبات.. وهو أمر يدركه جيداً وعميقاً سيد الكرملين, الذي سيُعاد انتخابه بنسبة لم يتوفر عليها كل من هم الان في سدة الحكم... بواشنطن ولندن وباريس وبرلين.