Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2018

وقاحة اينشتاين - د. ماهر عربيات

الراي -  ارتبط اسم العالم الألماني الشهير ألبرت اينشتاين بالعبقرية، حتى أصبح هذا الاسم مرادفا للنبوغ والإبداع والذكاء، ومازال عقل هذا الفيزيائي يخضع للبحث والتحليل والدراسة منذ وفاته عام 1955 ،فالرجل أبهر وأدهش العلماء بعبقريته التي غيرت مسار العلوم الأساسية على هذا الكوكب، فهو يحظى بمكانة علمية اسطورية، وحتى أعتى خصومه لا يمكنهم التقليل من مكانته العلمية الفريدة والكبيرة في تاريخ علم الفيزياء.

هناك الكثير من العلماء العباقرة الذين غيروا العالم بعلمهم وأفكارهم، لكن يبقى أينشتاين من بين هؤلاء هو العقل الأكثر عبقرية في شتى مجالات العلم، ولا نبالغ حين نقول أنه أحد أذكى العقول البشرية في التاريخ البشري المعروف، فقد غير نظرة العالم للكون بعلمه ونظرياته، وكأنه أعاد اكتشاف علم الفيزياء من جديد.
في بداية الأربعينات من عمره، وبعد حصوله على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921 ،قرر القيام بجولة سياحية الى العديد من الدول، فبدأت رحلته من اسبانيا ثم توجه لفلسطين وبور سعيد في مصر، ثم سيريلانكا التي كانت تعرف آنذاك بسيلان، وقصد بعد ذلك الصين واليابان.
خلال الرحلة بدأ أينشتاين في تدوين مذكراته حول تلك البلدان، ولم يخطر على باله نشرها، وبقيت المذكرات حبيسة أدراجه بين وثائقه وأوراقه الخاصة، إلى أن قامت دار نشر جامعة برينستون بولاية نيو جيرسي الأميركية، بنشرها في شهر حزيران المنصرم في مجلد ضخم، حمل عنوان يوميات سفر اينشتاين.
الحقيقة الصادمة والمذهلة، أن تلك المذكرات كانت تفصح عن نظرة أينشتاين للشعوب والبلدان التي قام بزيارتها، وأثارت لدى القراء الكثير من الحيرة والإرتياب والدهشة، وخصصت العديد من الصحف مساحات واسعة لإبراز عنصريته التي ظهرت في مذكراته، وتحدثت عن وقاحته في كراهية وابتذال الشعوب، التي نعتها بالسذاجة والبلادة والقذارة، وإهانة وازدراء الدول والاستخفاف بها.
حينما شاهد سيريلانكا تحدث عنها بطريقة عنصرية، وباستعلاء شديد لايليق بعالم كبيرحازعلى جائزة نوبل، حيث وصف هذه الدولة بالقذارة، واستحالة الحياة فيها بسبب الروائح الكريهة.
لكن عنصرية أينشتاين بلغت ذروتها خلال حديثه عن الصين، الدولة الكبيرة صاحبة التاريخ والحضارة العظيمة، فقد تحدث عن هذه الدولة بصورة مفزعة، ومن منطلق عنصري محض، وباحتقار شديد للشعب الصيني، ووصفهم بالشعب القذر المضطرب، وغير مؤهلين للتفكير السليم، وتابع هذا التطاول وهذه الغطرسة حينما وصف الصينيين بالأمة الشبيهة بالقطيع، وأنهم أكثر شبها بالآلات منهم بالبشر، ونعت الأطفال بفاقدي الإحساس، وبلا عقل، خاملين وعاجزين، ثم هاجم الأعداد الهائلة للشعب وقال من المؤسف ان يحل هذا الجنس الصيني محل الأجناس الأخرى في حال استمرار ازدياد نسبة أعداد هذه الأمة.
كانت فلسطين من ضمن محطات اينشتاين، ومكث فيها أكثر من عشرة أيام، لكنه لم يلتق بأي فلسطيني، بل كانت لقاءاته محصورة بالمنظمات اليهودية، وأثنى على اليهود المتواجدين في فلسطين، ولم يتحدث عن العرب. انجلت عنصرية العالم الفيزيائي بصورة واضحة أيضا في ميناء بورسعيد، عندما كان متجها إلى آسيا، حيث هاجم المواطنين العرب من ركاب السفينة المتجهين إلى دول أخرى، ووصفهم بالشرقيين القذرين، وقال كأنهم يتدافعون من جهنم.
البعض ينظر إلى ما ورد في هذه المذكرات، على أنها مجرد رأي داخلي وشعور وانطباع شخصي، خاصة أن فكرة النشر لم تكن مطروحة لدى العالم الكبير، وبالتالي لا يمكن مؤاخذته، لكن الآخرين يعتقدون أن الأمر لايتعلق بالنشر أو عدمه، إنما كيف لعالم فيزيائي يعتبر في مقدمة علماء القرن العشرين، وأحد أكبر العلماء على مر التاريخ، وصل إلى هذا المستوى من التفكير والإبداع، وحاز على جائزة نوبل، أن يتعامل بهذا الحجم من الكراهية والعنصرية والعجرفة مع شعوب دول لها تاريخ عظيم وحضارات عظيمة.
ألبرت أينشتاين عبقرية فيزيائية عظيمة، لكنه لا يبدو كذلك خارج حقل الفيزياء.
mahers.arab@hotmail.com