الرأي - كامل إبراهيم -
أصيب شابان فلسطينيان برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مدينة القدس المحتلة، الأحد، فيما أصيب ثلاثة آخرون جراء اعتداء نفذه مستوطنون شمالي الضفة الغربية، في وقت اقتحمت فيه وزيرة الاستيطان الإسرائيلية بلدة دورا جنوبي الخليل، في مشهد يعكس تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية والمستوطنين على حد سواء.
وأُصيب ثلاثة فلسطينيين، الأحد، جراء اعتداء عنيف نفذه مستوطنون شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، إن طواقمها نقلت إلى المستشفى «ثلاث إصابات جرّاء اعتداء مستوطنين بالضرب في قرية بيت ليد قرب مدينة طولكرم».
وذكرت مصادر طبية أن الاعتداء وقع في المنطقة الواقعة بين قريتي كفر قدوم شرق قلقيلية وبيت ليد شرق طولكرم، فيما أفاد شهود عيان بأن مجموعة من المستوطنين هاجمت المنطقة قبل أن يتصدى لهم السكان المحليون، ما أدى إلى وقوع الإصابات.
وفي سياق متصل، أُصيب شابان فلسطينيان برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال محاولتهما اجتياز جدار الفصل العنصري في بلدة الرام شمالي مدينة القدس المحتلة، ضمن سلسلة الاعتداءات اليومية المتكررة التي تستهدف الفلسطينيين في محيط الجدار.وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان منفصل، إن طواقمها نقلت إلى المستشفى «إصابتين بالرصاص الحي لشابين خلال محاولتهما اجتياز جدار الفصل العنصري في بلدة الرام».
وتتكرر بشكل شبه يومي إصابات الفلسطينيين قرب الجدار الفاصل في محيط القدس وعلى امتداد الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل، أثناء محاولات فلسطينيين، غالبيتهم من العمال، اجتياز الجدار بحثاً عن فرص عمل داخل إسرائيل التي تحتل أراضيهم.
وتشير معطيات الاتحاد العام لعمال فلسطين إلى استشهاد 44 عاملاً فلسطينياً برصاص جيش الاحتلال، واعتقال أكثر من 32 ألف عامل آخرين، سواء داخل أماكن العمل أو خلال محاولتهم البحث عن عمل، منذ بدء الحرب على قطاع غزة وحتى 28 تشرين الأول الماضي.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول 2023، تمنع إسرائيل العمال الفلسطينيين من العودة إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، ما يدفع بعضهم إلى تسلق جدار الفصل العنصري، رغم ما تحمله هذه المحاولات من مخاطر جسيمة على حياتهم.
وفي القدس المحتلة، اقتحم 917 مستوطناً إسرائيلياً، أمس الأحد، باحات المسجد الأقصى المبارك، فيما أقدمت سلطات الاحتلال على إبعاد أحد حراسه عن المسجد. وقالت محافظة القدس، في بيان، إن «917 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى خلال فترتي الاقتحامات الصباحية والمسائية، في حين بلغ عدد السياح الذين دخلوا المسجد عبر بوابة السياحة التابعة لسلطات الاحتلال 420 سائحاً».
وفي بيان منفصل، أفادت المحافظة بأن سلطات الاحتلال أبعدت حارس المسجد الأقصى وهبي مكية عن المسجد لمدة ستة أشهر.
ووفق معطيات محافظة القدس لشهر تشرين الثاني الماضي، اقتحم المسجد الأقصى 4266 مستوطناً إسرائيلياً، إضافة إلى 15 ألفاً و220 سائحاً أجنبياً.
وفي الضفة الغربية، اقتحمت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، الأحد، برفقة عشرات الجنود والمستوطنين، بلدة دورا جنوب الخليل، وشاركت في احتفال بما يسمى عيد الأنوار اليهودي «حانوكاة» على قمة جبل طاروسة من أراضي البلدة غرب المدينة. وقال شهود عيان إن اقتحام الوزيرة والمستوطنين والجنود استهدف قمة جبل طاروسة، وتخلله إضاءة شموع بمناسبة عيد «حانوكاة»، الذي بدأ أمس الأحد ويستمر حتى مساء اليوم الإثنين.
وأضاف الشهود أن جيش الاحتلال أغلق طريقاً حيوياً يربط بلدة دورا ببلدتي دير سامت وبيت عوا الواقعتين غربها، ومنع حركة الأهالي في الاتجاهين من ظهر أمس وحتى ساعات المساء.
وقبل تنفيذ الاقتحام، أجبر جيش الاحتلال عشرات الأهالي على إغلاق محالهم التجارية في بلدتي دير سامت وبيت عوا الواقعتين على مسار الموكب العسكري، من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، بحسب إفادات الشهود.
وذكرت مصادر فلسطينية أن الموقع الذي شهد الاقتحام كان قد استُخدم معسكراً لجيش الاحتلال خلال انتفاضة الحجارة، قبل أن يُخلى في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ثم أعاد الاحتلال استخدامه مع اندلاع انتفاضة الأقصى، ليُخلى مرة أخرى بعد انتهائها. ورغم إخلاء الموقع كنقطة عسكرية، واصل جيش الاحتلال والمستوطنون اقتحامه في مناسبات متعددة، غير أن الاقتحام الأخير يُعد الأوسع من حيث عدد المشاركين. وجاء هذا الاقتحام بعد ساعات من إعلان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش شرعنة 69 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة منذ تولي الحكومة الحالية مهامها قبل ثلاثة أعوام، واصفاً ذلك بـ«الرقم القياسي». وفي السياق ذاته، وافقت حكومة الاحتلال، أمس الأحد، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة توسّع من خلالها وتيرة الاستيطان، وصفها سموتريتش بأنها «تاريخية»، لترفع عدد المستوطنات التي صودق عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة. وقال مكتب سموتريتش، في بيان، إن المجلس الوزاري المصغر صادق على اقتراح قدّمه سموتريتش ووزير الجيش يسرائيل كاتس، يقضي بـ«إقرار وتنظيم» 19 مستوطنة جديدة، معتبراً أن هذه المواقع تتمتع بـ«أهمية استراتيجية عالية»، لا سيما في شمال الضفة الغربية، حيث تقرر إعادة إقامة مستوطنتي «غانيم» و«كاديم» اللتين أُزيلتا سابقاً.
ويأتي هذا القرار بعد أيام من مصادقة سموتريتش، الخميس الماضي، على مخطط لإقامة مدينة استيطانية جديدة شرقي القدس المحتلة، تضم نحو 3380 وحدة سكنية. وذكرت القناة السابعة العبرية أن المدينة الجديدة ستحمل اسم «مشمار يهودا»، في إطار ما وصفه سموتريتش، عبر منصة «إكس»، بـ«تعزيز السيطرة على المنطقة وحماية القدس من الجهة الشرقية». وتندرج هذه الخطوات ضمن سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الرامية إلى توسيع رقعة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تجاهل واضح للقرارات الدولية التي تعتبر المستوطنات المقامة على أراضٍ احتلت عام 1967 غير شرعية، حيث دعا مجلس الأمن الدولي مراراً إسرائيل إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية. وأدى التوسع الاستيطاني المتسارع إلى تفتيت الجغرافيا الفلسطينية في الضفة الغربية، وعزل المدن والبلدات الفلسطينية عن بعضها البعض، فضلاً عن إقامة العديد من المستوطنات دون ترخيص رسمي في مراحل سابقة. ويقطن الضفة الغربية نحو 2.7 مليون فلسطيني، وتُعد المنطقة محوراً أساسياً في الخطط الفلسطينية لإقامة دولة مستقلة.
ومنذ تنفيذ خطة «فك الارتباط»، أُقيمت عشرات البؤر الاستيطانية في شمال الضفة الغربية ومناطق أخرى، وتسارع هذا المسار بشكل ملحوظ منذ السابع من تشرين الأول 2023، تحت غطاء حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.
ورغم القيود التي فرضها قانون «فك الارتباط»، شكّلت هذه البؤر ما يشبه «كماشة» تطوّق شمال الضفة من عدة جهات. وفي أيار 2023، أُدخل تعديل على القانون وصدر أمر عسكري ألغى تطبيقه شمالي الضفة الغربية، ثم جرى في أيار 2024، وبناءً على توجيهات وزير الأمن آنذاك يوآف غالانت، إلغاء تطبيق القانون على ما تبقى من مناطق شمال الضفة، لتُعلن لاحقاً مناطق «عسكرية مغلقة».
ورغم أن ما يسمى «التسوية القانونية الكاملة» لهذه المستوطنات قد تمتد لسنوات، فإن القرار السياسي الأخير وضع الأساس لعودة تدريجية للمستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال، على أن تُستكمل إجراءات «الشرعنة» لاحقاً، كما جرت العادة في الضفة الغربية.
وتُظهر المعطيات أن الكابينيت الإسرائيلي صادق منذ تشكيل الحكومة الحالية ثلاث مرات على تسوية بؤر استيطانية، إذ جرى في شباط 2023 تنظيم تسع بؤر، وفي حزيران 2024 خمس بؤر إضافية، ثم في أيار 2025 صودق على تسوية 22 بؤرة. وفي ملف الأسرى، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس الأحد، بأن أسيرين فلسطينيين يعيشان أوضاعاً إنسانية وصحية بالغة الخطورة داخل سجن ريمون الإسرائيلي، في ظل إهمال طبي متواصل من قبل إدارة السجون.
وأوضحت الهيئة، في بيان صدر عقب زيارة محاميها للأسيرين المريضين ظافر الريماوي ومحمد كليب، المحتجزين في سجن ريمون جنوبي إسرائيل، تفاصيل معاناتهما الصحية والمعيشية.
وذكرت أن الأسير ظافر الريماوي (34 عاماً) من رام الله يعاني اضطراباً حاداً في الغدة الدرقية، وكان من المفترض إخضاعه لفحص دم خلال شهر تشرين الثاني الماضي، إلا أن مصلحة السجون لم تُجرِ أي فحوصات حتى الآن. وأشار البيان إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية بين الأسرى، وانبعاث روائح كريهة من أجسادهم نتيجة الدمامل، مؤكداً أن غالبية المعتقلين يعانون من هذه الأعراض. كما لفت الريماوي إلى الاكتظاظ الشديد داخل أقسام وغرف السجن، حيث تضم الغرفة الواحدة ما بين 10 و12 أسيراً، بعد أن تحولت إلى زنازين تحتوي على ستة أسرّة فقط، فيما يضطر باقي الأسرى إلى النوم على الأرض. وفي السياق ذاته، يعاني الأسير محمد كليب (29 عاماً) من محافظة سلفيت من تمزق في غضروف الركبتين، إضافة إلى اضطراب في دقات القلب منذ ثلاث سنوات، ورغم خضوعه لفحوصات طبية، لم يتلقَّ أي علاج حتى الآن. وأكدت الهيئة أن الأوضاع العامة داخل المعتقل بالغة الصعوبة، إذ تُغلق الأقسام والغرف بشكل دائم، ويُحرم الأسرى من التواصل فيما بينهم، إلى جانب تعرضهم اليومي للإهانات والضرب والتجويع، وحرمانهم من الرعاية الطبية اللازمة. وبحسب تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، تحتجز إسرائيل أكثر من 9300 أسير فلسطيني، من بينهم أطفال ونساء، يعانون أشكالاً متعددة من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أدى إلى وفاة عدد منهم داخل السجون.