Tuesday 4th of November 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Nov-2025

الجميع الآن بعمر 12 عاما

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كيتلين جونستون* - (نشرة كيتلين الإخبارية) 30/10/2025
 
 
الرؤية الغربية السائدة للعالم تشبه أفلام الرسوم الكرتونية للأطفال: الأشرار يفعلون أشياء شريرة فقط لأنهم أشرار، والأخيار يكافحون ببطولة لإيقافهم.
 
 
يمكن القول إنّ التعبير الأقصى عن نظرية "الجميع بعمر الثانية عشرة الآن" يتجسّد في الرؤية السائدة للعالم التي يروّجها المعلقون والسياسيون الغربيون، والتي ترى أن العالم مليء بالأشرار الفظيعين الذين يفعلون أشياء شريرة فقط لأنهم أشرار، وأن هؤلاء "الناس السيئين" يواجههم "الناس الخيّرون" الفاضلون المنتمون إلى النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
هل تعتقد أن "حماس" قتلت الإسرائيليين لأنها جماعة من الوحوش التي تكره اليهود؟ بالطبع أنت تفعل -لأنك بعمر 12 عامًا. 
هل تعتقد أن ترامب يحاول التخلّص من مادورو لأن مادورو دكتاتور شرير يريد تسميم الأميركيين بالفنتانيل؟ أكيد يا صاح، أنت بعمر 12 عامًا. 
هل تعتقد أن بوتين غزا أوكرانيا لأنه يكره الحرية والديمقراطية ويريد غزو العالم؟ بارك الله قلبك يا صديقي، يا ابن الثانية عشرة.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل هاجمتا واغتالَتا خصومًا في إيران ولبنان وسورية واليمن وفلسطين من أجل محاربة الإرهاب ووقف الاستبداد وحماية العالم من الأسلحة النووية؟ نعم، هذا يقول كل شيء، أنت في الثانية عشرة.
تشبه الرؤية الغربية السائدة للعالم فعلًا فيلمًا كرتونيًا للأطفال، حيث يقوم "الناس السيئون" بفعل "أشياء سيئة" فقط لأنهم "سيئون"، ويكافح "الناس الخيّرون" بشجاعة لإيقافهم. يبدو هذا كثير الشبه بفيلم صيفيّ ضخم الإنتاج ورديء النوعية، مناسب فقط لمن هم فوق 13 سنة لأنه يحتوي مشاهد لا تناسب الأطفال الصغار، من بطولة "ذا روك"، لكنه في الحقيقة الرؤية المتفق عليها بين محللين ومعلّقين محترفين "جادين" يشاركون هذا المنظور على المنصات الإعلامية الكبرى بوجوه صارمة. وكل من يتجرأ على التشكيك في أيّ جزء منها يوصم مباشرةً بأنه متطرف أو مضطرب العقل. لأن الجميع بعمر 12 عامًا الآن.
قلت هذه الفكرة على "تويتر"، فردّ عليّ أحدهم. قال "إن الدول الغربية مثل الدنمارك، وهولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة -وإسرائيل أيضًا، هي بلا شك أماكن أجمل وأكثر سعادة من بلدان العالم الثالث التي ذكرتِها. يمكن للمرء أن يلاحظ ذلك بمجرد التجوّل هناك والنظر إلى الناس والأشياء. وإذن، نحن نفعل الشيء الصحيح وهم يفعلون الشيء الخطأ".
يدهشني دائمًا أن أرى البعض يعتقدون أن هذا نوعٌ من الحجج على طريقة "كش ملك". نعم، من الأجمل بوضوح أن تكون في البلدان التي تقوم بالقصف، وتفرض العقوبات، وتستغل وتنهب من أن تكون في البلدان التي تتعرض للقصف والعقوبات والاستغلال والسرقة. من الأفضل أن تكون السارق من أن تكون المسروق، والمُعتدي من أن تكون الضحية. من الأجمل دائمًا أن تكون المطرقة وليس المسمار.
إنها حجة غبية بشكل بديهي، لكنك تراها كل الوقت. كلما تحدثتُ عن الطبيعة الاستغلالية والمسيئة للإمبراطورية الغربية، دائمًا ما أجد في ردودي بعضًا من متملقي الإمبراطورية الذين يقولون: "هوهو، ولكن هل خطر لكِ أنه من الأفضل العيش هنا بدلًا من هناك؟". بالطبع هو كذلك أيها الأحمق. سوف يكون أسهل دائمًا أن تكون المسيء من أن تكون المساء إليه.
بن غفير: عن إطلاق النار على الأطفال
ذكرت التقارير أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، دعا بشكل متكرر إلى إطلاق النار على الأطفال الذين يقتربون كثيرًا من "الخط الأصفر" الذي يفصل المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل في غزة عن تلك الخاضعة لسيطرة "حماس". وبعد فترة، ستبدأ في فهم سبب وصف كثيرين للنظام الإسرائيلي بأنه "شيطاني" أو "دَنس"، حتى لو لم تكن متدينًا. عند نقطة ما، سوف تعجز عن العثور على صفات قوية بما يكفي لوصف هذا النظام.
من الغريب جدًا أن الطبقة السياسية/ الإعلامية الغربية تتعامل مع بن غفير كما لو أنه كان متطرفًا هامشيًا ينبغي تجاهل تصريحاته، على الرغم من حقيقة أنه (أ) وزير الأمن القومي الإسرائيلي، و(ب) دائمًا ما يحصل في النهاية على ما يريد.
خطاب الكراهية الحقيقي في نيويورك
لم يكن زهران ممداني في أي وقت ضمن نطاق اهتمامي السياسي، ولا يعنيني من يختار سكان نيويورك ليكون عمدةً لهم. لكن معاداة الإسلام الصارخة التي شاهدتها على الإنترنت ردًا على حملته الانتخابية كانت مذهلة حقًا. لا يمكن لأيّ شخص يسعى إلى مستقبل سياسي أو إعلامي في التيار السائد أن يفلت من العقاب إذا تحدث عن ديانة سياسي يهودي بالطريقة التي يتحدث بها الصهاينة علنًا عن ممداني ومعتقده الديني.
من خلال ما رأيت، يمكن أن أخمن أن ممداني مجرد رجل عادي تمامًا وديمقراطي تقدميّ معتدل يتمتع بموهبة عالية في الحملات الانتخابية. لكن هؤلاء المهووسين الحمقى يزعمون أنه سيُطبّق الشريعة الإسلامية، وأنه سيلقي بالمثليين من فوق مبنى "كرايسلر"! إنها درجة من الهستيريا الجماعية بشأن الإسلام لم أرَ لها مثيلًا منذ الأيام التي أعقبت مباشرةً هجمات 11 أيلول (سبتمبر) -التي أدت، كما يعرف كل إنسان عاقل، إلى نوع من التفكير بالغ الرداءة، وإلى قرارات مريعة مدمّرة.
بعض هذه الهستيريا تنبع من العنصرية الأميركية المتجذّرة، ومن النزعة اليمينية الانفعالية التي تدفع أصحابها إلى الرغبة في إلقاء أي شخص يقف إلى يسار بيل كلينتون من مروحية محلّقة، لكن الكثير منها لا علاقة له بممداني على الإطلاق. كما ناقشنا سابقًا، كان الصهاينة عاكفين دائمًا على استغلال كلّ فرصة ممكنة لتأجيج الكراهية ضد المسلمين، لأن ذلك أسهل بكثير من إقناع الناس بحبّ إسرائيل.
حتى نكون واضحين، أنا لا أتكهّن عندما أقول هذا. في الشهر الماضي، نشر موقع "دروب سايت نيوز" تقريرًا يستند إلى وثائق مسرّبة تُظهر أن الحكومة الإسرائيلية استعانت بشركة استطلاعات أميركية لمساعدتها في معالجة أزمة العلاقات العامة التي تعاني منها بسبب فظائعها الإبادية، ووجد التقرير أن "الاستراتيجية الأكثر فعالية" تتمثّل في تأجيج الخوف من "الإسلام الراديكالي" و"الجهادية".
وهكذا، كانت هذه الأجندة حاضرة سلفًا في الوعي العام الإسرائيلي. وسوف يزود انتخاب مسلم لمنصب العمدة عالي المكانة في الولايات المتحدة مؤيدي إسرائيل بفرصة مثالية لإثارة الذعر من المسلمين في أميركا، بافتراض أن إسرائيل ستستفيد من مثل هذه المشاعر، وهي التي تقوم دائمًا بقتل المسلمين. ليس ثمة حجة يمكن تقديمها لإقناع الناس بأن إسرائيل هي دولة صالحة تستحق الدعم بحدّ ذاتها، ولذلك يراهن هؤلاء بدلًا من ذلك على ترويج الاعتقاد بأن إسقاط القنابل على المسلمين هو أمر جيّد بحد ذاته.
انحدار السياسة الغربية
إن السياسة الغربية تزداد مرضًا يومًا بعد يوم، والسياسة الأميركية تتقدّم وتقود هذا الانحدار. إنها تجعل الناس أكثر غباء، أكثر جنونًا وأكثر كراهية. وهي تحجب عنهم رؤية أن الأقلية الحقيقية التي كانت عاكفة دائمًا على التسبب بالمشكلات للجميع هي المجموعة الغنية والنافذة من الأوليغارشيين ومديري الإمبراطورية الذين يحكمون تحالف القوى الغربية. ما عليك سوى أن تستمر في إبقاء الناس من العامة يكرهون بعضهم بعضًا ويحاربون بعضهم بعضًا، ولن يشرعوا في كراهية ومحاربة مضطهديهم الحقيقيين.
*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: كاتبة وصحفية أسترالية مستقلة، معروفة بمقالاتها النقدية التي تتناول الإعلام الغربي، والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والدعاية الإمبريالية. تركز كتاباتها على كشف التلاعب الإعلامي الجماهيري، وفضح السياسات الاستعمارية الجديدة، وتنتقد النخب الحاكمة الغربية، سواء من الأحزاب الليبرالية أو المحافظة. وهي صوت بارز في نقد التغطية الإعلامية السائدة، خاصة في قضايا مثل الحرب في الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، وقمع الحريات الإعلامية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Everyone Is 12 Now