Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Oct-2019

عندما ينتصر القضاء لسمو الدستور*د. ليث كمال نصراوين

 الراي-في سابقة دستورية، ألغت المحكمة العليا البريطانية قبل أيام مرسوما ملكيا يقضي بتعليق جلسات مجلس العموم البريطاني، حيث كانت الملكة قد أصدرت قرارها بوقف جلسات البرلمان البريطاني لمدة خمسة أسابيع وذلك من أجل تسهيل مهمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد اعتبر القضاء البريطاني أن قرار تعليق جلسات مجلس العموم يتعارض مع مفهوم الديمقراطية البرلمانية التي تقوم على حق الشعب في ممارسة السلطة من خلال ممثليه المنتخبين، وبأن إرادة الشعب يجب أن لا يتم تجاهلها من قبل السلطة العليا في الدولة. كما قضت المحكمة البريطانية بأن النصيحة التي قدمها رئيس الوزراء بوريس جونسون للملكة بوقف جلسات مجلس العموم «غير قانونية» وتتعارض مع روح القانون العام، ما أجبر جونسون نفسه على تقديم اعتذاره للملكة عما تسبب به من إحراجات لها، جراء ما يمكن وصفه بصدور القرار القضائي بإعلان عدم دستورية القرار الملكي الخاص بتعليق جلسات البرلمان.

 
إن الدستور باعتبار التشريع الأسمى في الدولة يجب احترامه من قبل الحاكم والمحكوم على حد سواء، وهذا ما يعتبر مظهرا من مظاهر سيادة القانون في الدولة الديمقراطية. فالخروج عن أحكام الدستور هو إثم دستوري يتعين التصدي له من قبل الجهات القضائية المختصة في الدولة، وذلك بصرف النظر عن السلطة التي أصدرت القرار ومستواها في النظام السياسي الوطني.
 
وكما هو الحال في بريطانيا، فقد عرف النظام الدستوري الأردني رقابة على وجوب احترام كافة السلطات في الدولة لنصوص الدستور، حيث امتد نطاق هذه الرقابة لتشمل رأس الدولة من خلال ما يمارسه من سلطات مقررة له بموجب أحكام الدستور. فقد سبق وأن فُرِضت رقابة دستورية على صلاحيات الملك في الدستور الأردني وذلك في مناسبة صدور الإرادة الملكية في شهر تشرين الثاني من عام 1955 بحل مجلس النواب، والتي كانت تحمل توقيع رئيس الوزراء وحده. فمن خلال الرقابة الدستورية التي فرضها المجلس العالي لتفسير الدستور على صحة تلك الإرادة، صدر القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1956 الذي جاء فيه أن تلك الإرادة الملكية قد صدرت بشكل يخالف أحكام الدستور لعدم توقيع الوزير المختص عليها، وبأنها لم تكن مستوفية لشرائطها الدستورية، فعاد مجلس النواب المنحل بحكم الدستور.
 
ومن الحالات الأخرى التي فرض فيها القضاء الأردني رقابة على صلاحيات الملك في الدستور الأردني ما قضت به المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (5) لسنة 2013 والتي راقبت فيه المحكمة مدى ثبوت الحق للملك برفض الموافقة على إعلان بطلان قانون التقاعد المدني المؤقت رقم (10) لسنة 2011. فجاء في قرار المحكمة بأن ما صدر عن الملك من تصرف يعد دستوريا، وبأنه يحق للملك الرفض المطلق لإعلان بطلان القانون المؤقت دون التقيد بالقواعد الدستورية ذات الصلة بالتصديق على مشاريع القوانين في الدستور الأردني.