Wednesday 8th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2019

موت، دمار، واحتفال: العراقيون يريدون أكثر من استقالة رئيس وزراء

 الغد-تقرير خاص – (الإيكونوميست) 29/11/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
يفضل بعض السياسيين الشيعة إطلاق المزيد من النار على المتظاهرين. وينسق بعضهم مع قاسم سليماني؛ قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني. ويريد هؤلاء جميعاً نشر النفوذ الشيعي في جميع أنحاء المنطقة -ويعتقدون أن المتظاهرين يقفون في الطريق. وبعد أن ألقوا عظمةً للمتظاهرين باستقالة السيد عبد المهدي، يريد البعض في كتلة “الفتح” الشيعية الآن نشر ميليشياتهم ضد المتظاهرين وإخلاء الشوارع. ويجادل رجالهم بأن رئيس الوزراء المقبل يجب أن يكون أكثر قسوة من عبد المهدي.
 
* *
على مدى شهرين، ضربت العراق احتجاجات كبيرة. عشرات الآلاف من الناس الغاضبين من الفساد والحكم السيئ ونقص الوظائف خرجوا إلى الشوارع في بغداد والجنوب الشيعي. ووعدت الحكومة بإجراء إصلاحات. وأطلقت قوات الأمن النار بحرية على المتظاهرين. ولم ينجح أي من هذين التكتيكَين. ووصلت الأمور إلى ذروتها في 29 تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما دعا رجل الدين الشيعي البارز في البلاد، آية الله العظمى علي السيستاني، إلى تغيير الحكومة. ورداً على ذلك، قال عادل عبد المهدي، رئيس وزراء العراق، إنه سيتنحى.
وجاء وعده بالاستقالة بعد أيام من العنف المتصاعد الذي أدى إلى مقتل العشرات من المحتجين. وكانت هذه الموجة من الاحتجاجات قد بدأت في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) في مدينة النجف الجنوبية، حيث أشعل المتظاهرون النار في القنصلية الإيرانية، وبعد ذلك بيوم واحد، هاجموا أحد أهم المزارات الشيعية في المدينة. وردت الشرطة والميليشيات المحلية على المتظاهرين بالرصاص. وفي الناصرية، في جنوب البلاد أيضاً، أطلقت قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية النار على المتظاهرين الذين كانوا يحتجون، مما أسفر عن مقتل 25 شخصاً على الأقل وإصابة 160 آخرين، وفقاً للحكومة. وقد قُتل ما لا يقل عن 400 محتج منذ بدء الاضطرابات في أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
يعرف كل من المحتجين والنخبة الحاكمة أن رحيل السيد عبد المهدي لن يكون نهاية اللعبة في العراق. بل إن مغادرته قد تكون بدلاً من ذلك بداية لنضال جديد حول ما سيأتي بعد ذلك بالنسبة للحكومة. ويريد الكثير من المحتجين (ومعظمهم من الشيعة) إسقاط كامل النظام السياسي الذي يقسم السلطة بين السنة والشيعة والأكراد (مع ضمان بعض الأدوار للأقليات الأخرى). فالدولة تعج بالفساد. وتقوم الأحزاب الطائفية بنهب الموارد الرسمية لبناء الميليشيات وشراء الدعم، مع توفير القليل للناس. وتنسق الفصائل الشيعية، التي تشكل أكبر الكتل في البرلمان، بشكل وثيق مع إيران.
سوف يترتب على هذه الفصائل أن تختار خليفة للسيد عبد المهدي (الذي قد يظل في المنصب مؤقتاً لتصريف الأعمال). لكنهم يختلفون حول كيفية التعامل مع الاضطرابات. ويفضل بعض السياسيين الشيعة إطلاق المزيد من النار على المتظاهرين. ويرأس هادي العماري وقيس الخزعلي إحدى أكبر الكتل الشيعية، المسماة “الفتح”، ومجموعة من الميليشيات القوية. وهما يعملان مع قاسم سليماني، قائد قوة القدس، الفيلق الخارجي للحرس الثوري الإيراني. ويريد هؤلاء جميعاً نشر النفوذ الشيعي في جميع أنحاء المنطقة -ويعتقدون أن المتظاهرين يقفون في الطريق. وبعد أن ألقوا عظمةً للمتظاهرين باستقالة السيد عبد المهدي، يريد البعض في “الفتح” الآن نشر ميليشياتهم ضد المتظاهرين وإخلاء الشوارع. ويجادل رجالهم بأن رئيس الوزراء المقبل يجب أن يكون أكثر قسوة.
في المقابل، يدعو سياسيون آخرون إلى التحدث مع المحتجين. ويتطلع الكثيرون إلى رئيس البلاد، برهم صالح، للعب دور قيادي في هذا الصدد. وهو كردي سني كان قد أثار غضب السيد عبد المهدي بمسارعته إلى إدانة إطلاق النار على المحتجين. وبموجب المادة 81 من الدستور، يمكن أن يشغل الرئيس منصب رئيس الوزراء بالنيابة بينما يقرر البرلمان خليفة له. ولم يعمد برهم إلى تطبيق هذه المادة حتى كتابة هذه السطور، لكن دعوته إلى تشكيل حكومة من التكنوقراط رددها مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي المزاجي الذي يرأس أكبر كتلة في البرلمان، “سائرون”. ويتمتع السيد الصدر بقاعدة قوية في الأحياء الفقيرة في بغداد وفي المدينة الثانية في العراق، البصرة. ويقول إن على الحكومة الجديدة إصلاح القانون الانتخابي لإضعاف سيطرة الكتل الشيعية على الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
قد يرضي هذا وحده بعض المتظاهرين. لكنهم منقسمون هم أيضاً. ثمة عدد متزايد منهم لا يريدون أي تعاملات مع أي ممثلين للنظام القديم، بمن فيهم السيد الصدر نفسه. ويظن البعض أنه يحاول شراء الوقت وأنه متواطئ هو أيضاً سراً مع إيران، حيث كان يقضي معظم وقته مؤخراً. ويبدو الوضع في البلد مرشحاً للتصاعد. في الناصرية، أثار قتل المحتجين غضب الزعماء القبليين الذين كانوا قد ظلوا حتى الآن على الهامش -والذين يمكن أن يقلبوا الموازين ضد الحكومة. ويكمن الخطر في أن تكون الأصوات الأعلى صوتاً على كلا الجانبين تلك التي تدعو إلى العنف.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Death, destruction and celebration: Protesters in Iraq topple a prime minister but want more