Thursday 19th of September 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Sep-2024

فيلادلفيا ونتساريم هما ذريعة فقط لصالح بقاء ائتلاف نتنياهو

 الغد-هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل
 
 
مرحبا، يا أبناء الصف الأول، اليوم سنتعلم عن التخلي عن الإخوة والأخوات. قليل من الاحتفالية التي بقيت من أحداث افتتاح السنة الدراسية صباح أمس، 1 أيلول، أخذت منها في الليلة الأخيرة عندما بدأت تتسرب البشرى السيئة من رفح، ستة مخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة بشكل ما في أنفاق حماس تقريبا مدة 11 شهرا، رغم الأعمال الفظيعة التي مرت عليهم في الأسر تم إعدامهم في الأيام الأخيرة على يد حراسهم.
 
 
عندما وصل جنود الكوماندوز البحري إلى النفق كان الوقت أصبح متأخرا جدا. في المكان بقيت فقط الجثث، امرأتان وأربعة رجال. واحدة من سكان كيبوتس، والخمسة من المشاركين في الحفل، الذي فقط عدد قليل من الناجين منه بقوا على قيد الحياة في جهنم غزة.
تسلسل الأحداث الأخيرة يضع في ضوء مختلف قليلا جلسة الكابينت التي عقدت مساء يوم الخميس الماضي. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، نفذ هناك انقلاب سريع أدى إلى المصادقة على مشروع قرار يبقي قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا. وزير الدفاع، يوآف غالنت، عارض ذلك بالصراخ. نتنياهو، قال غالنت، فرض على القيادة العليا في الجيش خريطة انتشار لم يرغب الضباط بها. "رئيس الحكومة يمكنه اتخاذ أي قرار، أيضا يمكنه تقرير قتل جميع المخطوفين"، قال وزير الدفاع.
بأثر رجعي هذا يبدو كتحذير مما سيحدث في المستقبل بعد يوم ونصف. هل سبق لغالنت أن تنبأ أو عرف بأن تصميم نتنياهو على الاستمرار في الضغط العسكري فقط من أجل التوصل إلى تحرير مخطوفين آخرين، بالذات سيؤدي إلى موت عدد منهم؟. صوت غالنت كان صوت وحيد. اعضاء الكابنت الآخرين ينشغلون في التملق لرئيس الحكومة والمطالبة برد اعتباره من وزير الدفاع. عندما صوت غالنت ضد وزير الأمن الوطني ايتمار بن غفير، امتنع. ولكن بالنسبة له الحديث يدور عن اعتبارات أنانية لافتة واضحة للانتباه. أي اعتبار موضوعي بعيد عنه.
نتنياهو يقوم بتغليف مواقفه بالمبررات الأمنية. ويبدو أنه فقط الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا سيمنع إعادة تسلح حماس، وفقط الاحتفاظ بممر نتساريم سيمنع انتقال المقاومين المسلحين من العودة إلى شمال القطاع. عمليا، هناك شك إذا كانت هذه الخطوات ستحقق الأهداف العلنية لها. كبار قادة الجيش والشباك يقولون بإنه إذا تفجرت المحادثات بعد انتهاء المرحلة الأولى في الصفقة (إطلاق سراح "المجموعة الإنسانية" من المخطوفين) فإنه سيكون بالإمكان احتلال محور فيلادلفيا ونتساريم مرة أخرى، بتكلفة متدنية نسبيا. يمكن الجدال حول من هو محق في هذا الخلاف الأمني. يصعب تجاهل أن رئيس الحكومة تحركه اعتبارات بقائه الشخصي. من أجل تعويق الإجراءات الجنائية في محاكمته فإنه غارق في الحفاظ على الائتلاف بأي ثمن (اليمين المتطرف يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا تم الاتفاق على الانسحاب وتحرير جماعي للسجناء الفلسطينيين).
لا يمكن، حيث موجة غضب كبيرة تسيطر على جمهور واسع في إسرائيل، تجاهل ما حدث هنا لروح التضامن التي تقف في أساس وجود الدولة. في 7 تشرين أول (أكتوبر) تم التخلي عن مدنيين – في بيوتهم في الغلاف وفي الحفلة وفي مواقع الجيش الإسرائيلي وفي الدبابات، التي تم إبقاء قوات صغيرة فيها لم تكن مناسبة لمهمة الدفاع أمام هجوم واسع جدا لحماس. أول من أمس تمت معرفة نتائج الإهمال الثاني، الذي لا رجعة عنه، هذا عار أخلاقي ملقى على كل القيادة، وعلى رأسها نتنياهو. أيضا الجيش شريك في ذلك لأنه من جهة يواصل البحث عن عمليات بطولية لإنقاذ مخطوفين، ومن جهة أخرى يقوم بشق الطرق في المحاور التي يريد نتنياهو الاحتفاظ بها إلى الأبد.
الشائعات حول اكتشاف الجثث بدأت تنتشر مساء أمس، في الوقت الذي تجمعت فيه عائلات المخطوفين لاجتماع آخر حزين قرب الكرياه في تل أبيب. ولأنه لم يتم إخراجهم بعد من النفق فقد اضطر الجيش إلى الحفاظ على غموض معين.  المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بضغط كبير من وسائل الاعلام، أصدر بعد الساعة 11 ليلا، بيانا قصيرا تحدث فيه عن العثور على جثث بدون تفاصيل. 
مكتب رئيس الحكومة كان منشغلا في حينه في شؤون ملحة أكثر، نشر نفي للادعاء بأنه تم الاتفاق على وقف إنساني لإطلاق النار من أجل البدء في عملية التطعيم ضد شلل الأطفال، الذي انتشر في القطاع مجددا بسبب الحرب. الهدف الأول تم الحفاظ عليه – نتنياهو يجب أن يظهر متصلبا في نظر القاعدة. في الصباح تم إرسال إلى الجمهور المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد دانييل هاجري، كالعادة مع الأنباء السيئة. ومثلما في 7 تشرين أول (أكتوبر) في الساعات الأولى اختفى نتنياهو عن أنظار الجمهور. وزيارته التقليدية بمناسبة افتتاح السنة الدراسية التي تم التخطيط لإجرائها في مدرسة "غواتيمالا" في كريات يوفيل في القدس، تم إلغاؤها. قبل الظهر نشر رئيس الحكومة فيديو تم تسجيله مسبقا.
وقد جاء فيه أن كل ما يمكن تخمينه مسبقا: أن حماس هي التي تتحمل الذنب عن كل شيء، وأفعالها تثبت بأنها لا تريد الصفقة؛ دماء قادتها تم هدره ونحن سنقوم بمطاردتهم حتى آخر واحد. قبل نشر البيان قالت هيئة عائلات المخطوفين بأنها تنتظر من نتنياهو تحمل المسؤولية، وبيانا بأنه ينوي العودة والدفع قدما بالمفاوضات. لولا الظروف لكان يمكن القول بأن سذاجة العائلات هي تقريبا كانت مسلية. أين هو وأين اسحق رابين، الذي ببيان قصير للشعب قبل ثلاثين سنة تحمل المسؤولية عن فشل عملية إنقاذ نحشون فاكسمان. 
في الظهيرة شاهدت فيلم نتنياهو القصير. الشخص ظهر فيه مثل ديكتاتور في طور التشكل. وكان من الواضح أنه لا يشعر بأي واجب تجاه مواطنيه، وأنه منذ فترة بعيدة فقد القدرة على التماهي مع خوفهم وألمهم. إذا كان راض عن رؤساء جهاز الأمن المتملقين حسب رأيه، فقد كان يجدر به تولي إجراء المفاوضات بنفسه حول الصفقة، والإظهار لهم كيف يمكن الحصول من حماس ومن دول الوساطة على شروط أفضل. هذا لن يحدث بالطبع. من الأسهل إلقاء المسؤولية عن الفشل على المستويات المهنية.
إعادة جثث المخطوفين الستة هي حدث يثير القشعريرة ولا يمكن استيعابه – مع ذلك، أيضا كان متوقعا. في الخلفية أيضا الضفة الغربية تسخن، ثلاثة رجال شرطة قتلوا صباح أول من أمس في عملية إطلاق نار في غرب الخليل، وجندي قتل أمس في جنين. أول أمس تم إحباط عملية بواسطة سيارتين مفخختين في غوش عصيون. رغم السلسلة التي لا تنتهي من الأنباء السيئة فإن هيئة عائلات المخطوفين ستحاول إعادة الجمهور إلى الشوارع وتصعيد النضال. هذا سيحدث رغم محاولة شرطة بن غفير فرض الرعب على المتظاهرين ووضع العقبات أمام الاحتجاج. إذا لم يتم تأجيج روح الحرب مرة أخرى كما حدث في ليلة غالنت في آذار (مارس) السنة الماضية فسنعرف أن الأمر أصبح ضائعا بقدر معين.