"لا أحد يفاوض عنا".. السويداء ترفض "خريطة الطريق" وتذهب لتقرير المصير
مواقع-
لم يتأخر رد القيادات الدرزية على "خريطة الطريق" التي أعلنت عنها الخارجية السورية يوم أمس، حيث جاء الرد بالرفض المطلق لبيان الخارجية، في مؤشر على أن قضية السويداء لن توضع على طريق الحل خلال الفترة القريبة القادمة، رغم الزخم الأمريكي الكبير لوضع نهاية لهذا الملف الشائك.
وأصدرت اللجنة القانونية العليا في السويداء، والتي شكلها شيخ عقل الطائفة الدرزية، حكمت الهجري، بيانًا صحفيًّا، عبر "فيسبوك" اليوم، الأربعاء، رفضت من خلاله بيان الخارجية السورية حول "خريطة الطريق لحل أزمة السويداء". ودعت لتحقيق دولي وضمان حق تقرير المصير.
وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا، مساء الثلاثاء، عن التوصل إلى خريطة طريق للحل في محافظة السويداء، عقب لقاء ثلاثي في دمشق جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك.
تناقضات صارخة
وأكدت اللجنة أن بيان الوزارة تضمّن "تناقضات صارخة" ومحاولات للتنصل من المسؤولية عن الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة في شهر تموز الفائت.
وأشارت اللجنة القانونية إلى أن وزارة الخارجية تحدثت عن التعاون مع لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، لكنها عادت وأكدت أن المحاسبة ستتم وفق القانون السوري. ووصفت هذا الطرح بأنه "يتناقض مع مبادئ العدالة الدولية"، معتبرة أنه "لا يمكن أن يكون المتهم هو ذاته القاضي".
ورأت اللجنة أن الحكومة السورية "حاولت الظهور بمظهر الطرف المحايد الساعي إلى المصالحة"، في حين أنها – بحسب البيان – "كانت شريكًا مباشرًا في المجازر والانتهاكات التي طالت آلاف المدنيين من قتلى ومفقودين ومختطفين".
وأضافت أن "الأجهزة القضائية السورية مسيّسة وغير مستقلة"، وبالتالي فإن أي محاكمات عبر القانون السوري لن تكون سوى "واجهة شكلية لتبييض الجرائم". كما اعتبرت أن الحديث عن "مجالس محلية وقوات شرطية مشتركة" يمثل "محاولة لفرض وصاية وزرع الفتنة الداخلية عبر أسماء فقدت شرعيتها المجتمعية".
كما شددت اللجنة على أن ما جرى في السويداء من "جرائم وانتهاكات، إلى جانب عقود من التهميش والحرمان"، يمنح أبناء المحافظة "الحق القانوني والأخلاقي في تقرير مصيرهم"، سواء عبر الإدارة الذاتية أو خيار الانفصال الذي وصفته بـ "الخيار الأخير لضمان الأمن والكرامة والوجود".
وطالبت اللجنة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بعدم الاعتراف بأي ترتيبات تُفرض على أبناء السويداء، وضمان تحقيق مستقل وآليات محاسبة دولية بعيدة عن هيمنة الحكومة السورية، إضافة إلى "دعم حق أبناء السويداء في تقرير المصير وفق المواثيق الدولية".
واختتمت اللجنة بيانها بالتأكيد أن ما جرى في شهر تموز الفائت "لم يكن أحداثًا مؤسفة كما جاء في بيان الخارجية السورية، بل جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان"، مشددة على أن مواجهتها "لا تكون عبر مسرحيات قضائية محلية، بل عبر مسار دولي شفاف يضمن محاسبة الجناة وحقوق أبناء السويداء".
"لا أحد يمثلنا أو يفاوض باسمنا"
حول موقف السويداء، يوضح الناشط السياسي قيس الشاعر، أن بيان أهل السويداء واضح في أسباب رفضه لخريطة الطريق، مشيرًا إلى أن المفاوضات التي جرت بين وزير الخارجية السوري ونظيره الأردني والمبعوث الأمريكي لم تُمثّل فيها السويداء، وبالتالي فهي غير معنية بمخرجاتها.
ويؤكد الشاعر أنه لا أحد من هؤلاء يمكنه الحديث نيابة عن السويداء، وحتى الشيخ موفق طريف لم يفرض في كل تحركاته أي رأي على السويداء، فالرأي هو لأبناء السويداء، وكل ما يجري الاتفاق عليه دون ممثليها لا يمكن الموافقة عليه حتى لو كان برعاية دول ضامنة.
ويلفت إلى أن "الناس هنا" لديها ردة فعل قوية تجاه السلطة، ولن يقبلوا بفرض أي أمر بالقوة، لافتًا إلى أن موقف دروز وحكومة إسرائيل هو مساندة موقف السويداء لا أكثر.
وأكد الناشط ابن السويداء، بأن المصالحة مع دمشق لن تكون قريبة، منوهًا إلى أن "هذه السلطة ما زالت مصرة على ممارسة الألاعيب بشكل مكشوف، مشيرًا إلى أن تقديم أسماء مثل سليمان عبد الباقي وليث البلعوس كممثلين عن السويداء لا يمكن أن يمر".
ويبيّن قيس الشاعر بأن السويداء -على أرض الواقع - انتزعت إدارتها الذاتية، ولم يبق إلا تغيير الدستور، ليتحول من أمر واقع إلى تنظيم مقونن، ويلفت إلى أن اللجنة القانونية وقيادة الشرطة والحرس الوطني تعمل جميعها على الأرض بشكل ممتاز.
قطع نهائي
مصدر في الفصائل العسكرية الدرزية، فضّل عدم الإفصاح عن هويته، أكد في تصريح لـ "إرم نيوز" أن القطع مع هذه السلطة نهائي وغير قابل للإصلاح، مشيرًا إلى أن هذا الموقف هو موقف جماعي في السويداء، ولا أحد يملك إمكانية تجاوزه أو تغييره.
ويقول المصدر إن "سلطة دمشق ما زالت تراوغ في كل مايتعلق بالمجازر ونتائجها"، مشيرًا إلى أنها لم تعترف بمسؤوليتها عما جرى، بل تحمّل العشائر مسؤولية الجرائم والانتهاكات، ويضيف: "حتى على صعيد عدد المخطوفين لا تعترف إلا بوجود 85 معتقلًا من أبناء السويداء في سجونها، في حين أن العدد الموثق لدينا يتجاوز 400 شخص .
وإلى جانب ذلك، يقول المصدر العسكري إن السلطات لا تعترف بوجود مختطفات من نساء مدينة السويداء وقراها، وهن اللاتي تم خطفهن خلال الأحداث التي شهدتها المحافظة في تموز/يوليو، مؤكدًا وجود قوائم للمختطفات لدى الجهات المحلية في المحافظة.
ويختم المصدر بالقول " قرار تقرير المصير بالنسبة لنا لا تراجع عنه"، مشيرًا إلى أن "أهالي المحافظة بدؤوا بالفعل التصويت على حق تقرير المصير عبر حملة جمع تواقيع تشمل أكثر من 300 مركز على امتداد الجبل".
وانطلقت صباح اليوم الأربعاء، حملة التوقيع الإلكتروني على عريضة تقرير مصير أبناء السويداء، فيما أُطلقت أمس حملة التوقيع الإلكتروني على العريضة الموجّهة إلى الأمم المتحدة وحكومات العالم .
وقالت مصادر إعلامية إن إطلاق الحملة جاء بعد استكمال جميع التجهيزات اللوجستية، من خلال فريق يضم أكثر من 2100 متطوع من الحقـوقيين والناشـطين من أبناء السويداء. وتدعو العريضة إلى الاعتراف بحق السويداء في تقرير مصيرها.