الغد
هآرتس
بقلم: يونتان ليس
 
يمكن الافتراض أن "مناورة" حماس لم تكن تستهدف الجمهور الإسرائيلي: إسرائيل لا يهمها ما إذا كانت حماس ستعيد جثث المخطوفين من شقق سرية في غزة أو من تحت الأنقاض. في إسرائيل يقدرون أن حماس أرادت خداع الصليب الأحمر والإدارة الأميركية ودول الوساطة، وخلق صورة كاذبة عن الصعوبة في العثور على الجثث، والجهود التي تبذلها من أجل إعادتها إلى إسرائيل.
 
 
"العرض" الذي فيه دفن نشطاء حماس بقايا جثة جلبوها معهم فقط من أجل أن يعثر عليها الصليب الأحمر بعد بضع دقائق، هو الدليل على نقاط الضعف في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في شرم الشيخ. إضافة إلى الإنجاز المثير للانطباع الذي شمل إعادة جميع المخطوفين الأحياء، فإن خطة إعادة الجثث مليئة بالثقوب وهي لا تشمل أدوات ضغط مهمة على حماس كي تستكمل المهمة. هكذا فإن الاتفاق يطالب حماس بـ"بذل أقصى الجهود" فقط، من أجل الوفاء بتعهدها بشأن إعادة جثث المخطوفين، وهو لا يذكر هوية الجثث أو عددها.
في العملية السيزيفية المتواصلة لإعادة جميع المخطوفين، فإن إسرائيل حققت  يوم الأحد الماضي إنجازا متواضعا أيضا: بعد الخمسة أيام، التي فيها لم تقم حماس بإعادة أي جثة إلى إسرائيل، قامت بإعادة بشكل مفاجئ بقايا جثة المخطوف اوفير سرفاتي. المستوى السياسي كما يبدو لم يكن يعرف أبدا أن حماس تحتجز بقايا من جثته بعد أن تمت إعادته إلى إسرائيل في عملية عسكرية وتم دفنه قبل سنتين تقريبا، ولم يصمم الجيش على الحصول على بقايا جثته في المفاوضات التي جرت في الأسابيع الأخيرة بين الطرفين.
مناورة حماس أول من أمس، وحقيقة أنها وثقت من قبل مسيرة إسرائيلية، أصبحت أداة في الحرب الإعلامية الإسرائيلية. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش توجه أول من أمس إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وطلب "بلورة ردود عدة، حازمة من أجل تأكيد التمسك بهدف الحرب الرئيسي وهو تدمير حماس". جهات أخرى، قدرت أن هذا الاقتراح لا فائدة منه. ففي الوقت الحالي الذي فيه الإدارة الأميركية متحمسة للحفاظ على اتفاق وقف اطلاق النار، فإن أدوات الضغط الإسرائيلية على حماس محدودة. في الإدارة الأميركية يفضلون استنفاد عملية إعادة المخطوفين بالصيغة الحالية، حتى لو تم تسويفها وإطالتها.
هذه كانت الحادثة الأصعب ضد قوات الجيش في رفح، التي مكنت نتنياهو من تحطيم الأدوات وإصدار الأوامر لتنفيذ موجة هجمات قوية في القطاع. ولكن الرد الإسرائيلي أيضا، إلى جانب احتمالية تعميق الجيش الإسرائيلي تواجده الآن، حتى خلف حدود الخط الأصفر الذي انسحب إليه، ينظر إليه في إسرائيل كـ"تصعيد محسوب ومؤقت". حماس ردا على خطوات إسرائيل سارعت إلى إلغاء تسليم جثة أخرى تم العثور عليها، ولكن أيضا هذه الخطوة يمكن أن يتم القيام بها تحت التصميم الأميركي للحفاظ على حدود الاتفاق.
في الحرب على الوعي فإنهم في إسرائيل يعتبرون سلوك حماس في الفترة الأخيرة دليلا ملموسا على حقيقة أنها تخرق الاتفاق بشكل متعمد. الخطة أجبرت حماس على تقديم معلومات عن جميع الجثث التي بحوزتها خلال 72 ساعة، لكنها لم تفعل ذلك فيما يتعلق بجثة سرفاتي. مصادر إسرائيلية قدرت أن الجثة كان معروف مكانها بالنسبة لحماس حتى قبل دفنها والعثور عليها من جديد. مع ذلك، لم يتم تسليمها لإسرائيل.
الطريقة التي تعاملت فيها حماس مع إعادة جثته تدل كما يبدو على الادعاءات التي تسمعها إسرائيل مرة بعد مرة، وهي أن حماس تماطل في إعادة المخطوفين، وأنها تعرف مكان احتجاز معظم الجثث ولكنها لا تعمل على إعادتها.
في إسرائيل يعتقدون أن حماس تقوم بالمماطلة، ضمن أمور اخرى، من أجل تاجيل الانتقال إلى المرحلة الثانية في الاتفاق، التي يجب عليها فيها أن تنزع سلاحها وتتنازل عن قيادة القطاع. خطة ترامب في الواقع لا تربط بين أعادة المخطوفين وتشكيل أدارة التكنوقراط في غزة. ولكن التأخير الكبير في بلورة التحالف الدولي لإدارة القطاع يفرض الآن في الأصل تأخير المبادرة السياسية الطموحة، ويسمح بوجود فراغ في القطاع، الذي سيمكن حماس، على الأقل بشكل مؤقت، من إعادة ترسيخ قوتها.