Friday 1st of August 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Jul-2025

"البقاء للأقوى"

 الغد

هآرتس
 
 
بقلم: بار بيلغ وآخرون   30/7/2025
 
 
 
في الفيلم يظهرون بالتدريج وراء الأفق وهم يركضون. في البداية أشخاص قلائل وبعد ذلك الجموع. الشباب يصلون في البداية. الجميع يحملون أكياسا. منظمون يرتدون سترات زرقاء وعلى وجوههم أقنعة ويتحدثون معهم باللغة العربية. "اليوم لا يوجد سكر أو طحين"، قال أحدهم. الشمس لم تشرق بعد.
 
 
في فيلم آخر عدد كبير من الأشخاص يمرون بين الرزم، بعضهم يقفزون فوق أكوام التراب. شاب مسرور يرقص وهو يحمل صندوقا كُتب عليه "بصل مميز" ويضحك للكاميرا. "شكرا أميركا" قال. إن وراءه جموع تبحث عن الطعام، على الأرض مرمية رزم صندوق المساعدة لغزة. مواطنون يفكون الرزم بشكل محموم ويدخلون السلع إلى أكياسهم. آخرون يحملون رزما كاملة على ألواح خشبية أو على دراجات.
 في الخلفية يسمع أحيانا صوت إطلاق نار، من بعيد ومن قريب. الفوضى تسيطر على كل شيء. بين حين وآخر يسمع المنظمون وهم يطلبون تخصيص رزمة لشخص معين، ولكن لا أحد يسجل من الذي حصل عليها، في الأصل لا توجد للمنظمين أي فرصة لهذا التسجيل أو أنهم لم يرغبوا في ذلك. في أحد الأفلام يشاهد شخص يرتدي نظارة وهم يتوجه إلى المصور بصوت مخنوق. الطعام نفد، وهو يتوسل من أجل الحصول على المساعدات. "أنتم الأفضل في العالم. حماس تخيف عائلتي. يا أميركا، ساعديني من فضلك، أعطيني رزمة طعام واحدة فقط. وإذا لم تكن توجد رزمة فأعطوني مائة شيكل".
  الأفلام التي وصلت إلى "هآرتس" تم توثيقها في غضون أسبوعين في نهاية أيار وبداية حزيران في أحد مراكز التوزيع التابعة لصندوق المساعدة لغزة قرب خان يونس. الموثق هو انطوني اغلار الذي كان في السابق في القوات الخاصة الأميركية، والذي تم استئجاره ليكون مقاول حماية ومدير عمليات في إطار إحدى شركات المقاولة التي استأجرها صندوق المساعدة لغزة من أجل حماية مراكز التوزيع. هم يعززون شهادات "هآرتس" في الأسابيع الاخيرة حول الظروف التي يوزع فيها الغذاء على سكان غزة في مراكز التوزيع، اغلار وثق في الأفلام الأيام الأولى لافتتاح المراكز التي كانت الأيام الأكثر دموية. حسب بيانات وزارة الصحة في غزة فإنه أثناء خدمة اغلار قتل في طريق الحصول على المساعدات 230 شخصا وأصيب المئات.
 في هذا الأسبوع قرر اغلار تقديم شهادته بوجه مكشوف لعدد من وسائل الإعلام، من بينها "هآرتس". الشركات التي شغلته تريد تشويه مصداقيته، لكن الأفلام التي صورها وتم تحليلها من قبل الباحثين في "اكتف انفو" من أجل التأكد بأنه تم تصويرها حقا في المراكز المذكورة في غزة، تم توثيق ملصق لمراكز التوزيع وما يحدث فيها، وتصعب مناقشة مضمونها.
"كل عملية توزيع في المكان تستمر 8 – 11 دقيقة. هذا سريع جدا، فوضى. عندما كنت هناك سميت ذلك أولمبياد غزة، لأنه عندما يفتح الجيش الإسرائيلي حاجز الأمن ويسمح للسكان بالوصول إلى المركز، تكون هناك ببساطة عملية ركض جماعية، والقوي هو الذي يبقى. من يصل أولا يحصل على المساعدة"، قال اغلار للصحيفة في محادثة من واشنطن. "معظم الوقت النساء والأطفال لا يحصلون على أي شيء. جميع الصناديق توجد في مكان واحد، في كومة كبيرة. هذا ببساطة حرب جماعية فوضية على الطعام".
 حسب قوله فإنه هكذا أديرت مراكز التوزيع من اليوم الأول. "هكذا كان الأمر من البداية وما يزال"، قال. "مرات رأيت أن كل الطعام نفد خلال 6 دقائق. لو أنني لم أشاهد ذلك لما كنت صدقت. هذه حرب بقاء فوضوية. ذعر مطلق. كل الطعام ببساطة اختفى".
فشل مزدوج
   وصف بديل لـ"اولمبياد غزة"، قال البروفيسور يعقوب جارد من جامعة بن غوريون والذي تابع إقامة مراكز المساعدة بواسطة صور الأقمار الصناعية. "هذا الأمر يشبه جدا إطعام حيوانات خطيرة في حديقة الحيوانات"، قال للصحيفة. "أنت تضع الطعام وتفتح الباب وتبتعد".
 أحداث التوزيع نفسها هي فوضوية وسريعة، إلى درجة أنه من النادر التقاطها بالقمر الصناعي. ورغم ذلك في الأسابيع الأخيرة نجحت عدسات بلانيت لابس في توثيقها أثناء دورانها في الفضاء على بعد 500 كم عن الكرة الأرضية. هذه الصور توفر زاوية أخرى، حتى لو كان يصعب مشاهدتها، عما يحدث في مراكز التوزيع.
في صباح 13 تموز مثلا، وثق القمر الصناعي سكاي سات، الذي مر فوق جنوب القطاع، آلاف الغزيين الجائعين الذين يستعدون للانقضاض على مركز التوزيع اس.دي.اس2. والذي يسمى أيضا "الحي السعودي"، وهو أحد المركزين في شمال غرب الأنقاض التي بقيت من مدينة رفح، من أجل مئات آلاف النازحين في المواصي. مركز توزيع ثالث، اس.دي.اس3، أقيم على بعد بضعة كيلومترات شرقا على طول محور موراغ من أجل سكان شرق خان يونس، ومركز آخر، اس.دي.اس4، أقيم في محور نتساريم من أجل سكان النصيرات ودير البلح.
 المسافة بين مدينة الخيام الكبيرة في المواصي ومركز التوزيع في الحي السعودي تبلغ 2.5 كم. في صور الأقمار الصناعية تظهر مجموعة من الغزيين وهي تنتظر في نقطة تفتيش على بعد بضعة مئات الأمتار جنوب مخيم اللاجئين. وعلى بعد كيلومتر من هذه المجموعة كانت مجموعة أشخاص آخرين يختبئون وراء أكوام من التراب. هناك قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر كانت توجد هناك دفيئات زراعية. وعلى بعد بضع مئات الأمتار نحو الجنوب عند مركز التوزيع، تقف على جانب الشارع عدة مصفحات للجيش الإسرائيلي.
  نقطة التوزيع نفسها فارغة تماما. في المركز صناديق المساعدات تنتظر فوق الألواح الخشبية بانتظار آلاف الجائعين. بعد خمسة أيام من ذلك، قبل الثالثة والنصف بعد الظهر بقليل، وثق قمر صناعي آخر مجموعة من آلاف النقاط السوداء التي تغطي النقطة بالكامل. الجائعون وصلوا إلى مركز التوزيع.
بسرعة تبلورت مجموعات من منظمات من الشباب بدأت في جمع السلع الثمينة من الصناديق وبيعها بأسعار مرتفعة. في التوثيق التي وصل "هآرتس" يظهر هؤلاء الشباب وهم يبيعون سلع المساعدات في سيارة تندر.